
الذهان الوجيز: أعراضه، وطرق علاجه
في لحظة قد يفقد الإنسان اتصاله بالواقع، فيتصرف بطريقة غير معتادة تمامًا. هذه الحالة قد تستمر لأيام أو أسابيع، وتعرف باسم الذهان الوجيز. الذهان الوجيز هو حالة نفسية نادرة لكنها مقلقة، تُصيب الإنسان فجأة وتستمر لفترة قصيرة، وغالبًا ما ترتبط بتعرضه لضغط نفسي شديد أو حدث صادم. ورغم شدتها المؤقتة، إلا أنها تتطلب تقييمًا نفسيًا فوريًا وتدخلًا علاجيًا لمنع تطورها إلى اضطرابات مزمنة.
الفهرس
هذا المقال موجه لك إذا كنت باحثًا عن الفهم العلمي والمبسط حول الذهان الوجيز، حيث سنعرض لك تعريفه، أعراضه، أسبابه، أنواعه، طرق تشخيصه وعلاجه، والوقاية منه، بأسلوب يسهل فهمه دون الإخلال بالدقة الطبية، ومناسب لمحركات البحث لمساعدتك في الوصول إلى المعرفة التي تحتاجها.
مفهوم الذهان الوجيز
الذهان الوجيز هو اضطراب نفسي حاد ومفاجئ، يُصيب الفرد بفقدان مؤقت للاتصال بالواقع. يُصنَّف ضمن مجموعة الاضطرابات الذهانية في الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5)، ويتميز بظهور مفاجئ لأعراض ذهانية مثل الهلوسات، الأوهام، التفكير غير المنطقي، أو السلوك المضطرب، لكنه لا يستمر أكثر من شهر واحد.
في هذه الحالة، يعود المريض إلى حالته الطبيعية بعد انتهاء النوبة، وغالبًا لا يكون هناك تاريخ سابق للفصام أو اضطرابات ذهانية طويلة الأمد. ويمكن أن يظهر الذهان الوجيز لدى الأشخاص الأصحاء نفسيًا عند تعرضهم لأزمات حياتية شديدة، مثل فقدان مفاجئ، كارثة طبيعية، أو صدمة عاطفية.
رغم قصر مدته، إلا أن الذهان الوجيز يُعد من الاضطرابات النفسية الطارئة التي تستوجب التدخل الفوري، خاصة أن المصاب يكون عرضة لإيذاء النفس أو الآخرين خلال النوبة، وقد تتكرر الحالة إذا لم تتم معالجتها بشكل مناسب.
أعراض الذهان الوجيز
تظهر أعراض الذهان الوجيز بشكل مفاجئ ودراماتيكي، وتُعد من أبرز الأعراض الذهانية التي تؤدي إلى فقدان الشخص اتصاله بالواقع. تتنوع هذه الأعراض، وتشمل أوهامًا، وهي معتقدات خاطئة وثابتة لا تستند إلى الواقع، مثل الاعتقاد بأن هناك من يراقبه أو يسعى لإيذائه. كما قد يعاني المصاب من هلوسات، كأن يسمع أصواتًا أو يرى أشخاصًا غير موجودين فعليًا.
إلى جانب ذلك، قد يظهر الكلام غير مترابط أو غير منطقي، مما يعكس فقدان القدرة على التواصل بطريقة مفهومة. كما يمكن أن يتصرف المصاب بسلوك غريب أو غير منظم، كأن يضحك في مواقف لا تستدعي الضحك، أو يقوم بحركات جسدية غير معتادة. وقد يكون التأثير العاطفي غير مناسب أو مسطحًا، بحيث تظهر الاستجابات العاطفية بشكل غير طبيعي أو تكون غائبة تمامًا. كذلك يُلاحظ الارتباك الذهني الشديد، حيث يبدو الشخص مشوشًا وغير قادر على التمييز بين الواقع والخيال.
عادةً ما تستمر هذه الأعراض لمدة تزيد عن يوم وتقل عن شهر، ثم تختفي بشكل كامل، ليعود الشخص إلى حالته الذهنية الطبيعية دون مضاعفات مستمرة.
أسباب الذهان الوجيز
تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى الذهان الوجيز، وتشمل:
- الضغوط النفسية الشديدة مثل وفاة أحد الأقارب، فقدان الوظيفة، الانفصال العاطفي.
- التعرض لصدمات نفسية مفاجئة أو كوارث طبيعية.
- الحرمان الشديد من النوم أو الإجهاد الجسدي والذهني المتراكم.
- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للذهان أو الفصام.
- مشكلات في كيمياء الدماغ، خاصة في الدوبامين والسيروتونين.
- تناول بعض الأدوية أو المخدرات التي قد تؤثر على الوعي والإدراك.
- اضطرابات في الغدة الدرقية أو أمراض عصبية نادرة.
- مشكلات هرمونية بعد الولادة (خصوصًا في الذهان الوجيز بعد الولادة).
أنواع الذهان الوجيز
يصنَّف الذهان الوجيز إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- الذهان المرتبط بضغط نفسي شديد: يحدث بعد التعرض لحدث صادم مثل كارثة أو فقدان.
- الذهان غير المرتبط بأي ضغط نفسي: يظهر فجأة دون وجود محفز واضح.
- الذهان بعد الولادة: يظهر خلال أسابيع قليلة بعد الولادة، ويُعد من الحالات الطارئة في الطب النفسي.
طرق تشخيص الذهان الوجيز
يعتمد تشخيص الذهان الوجيز على التقييم النفسي السريري الذي يقوم به الطبيب أو الأخصائي النفسي. يشترط أن تظهر أعراض ذهانية واضحة ومفاجئة، تدوم لأكثر من يوم وأقل من شهر، ويتعافى منها المريض تمامًا بعدها.
يُستبعد من التشخيص أي حالة تكون ناتجة عن تعاطي مواد مخدرة أو أدوية، أو مرتبطة باضطرابات عضوية مثل أورام الدماغ أو الصرع. ويُستخدم في التشخيص أيضًا فحوصات طبية لاستبعاد الأسباب الجسدية، وقد تُستخدم أدوات نفسية لقياس شدة الذهان وتقييم القدرات الإدراكية والعقلية.
التشخيص الدقيق مهم جدًا، لأن الذهان الوجيز يمكن أن يكون أحيانًا بداية لاضطرابات ذهانية مزمنة مثل الفصام إذا لم تتم متابعته وعلاجه بشكل سليم.
طرق علاج الذهان الوجيز
يعتمد علاج الذهان الوجيز على نوع النوبة وشدتها، وتشمل أهم أساليب العلاج ما يلي:
- العلاج الدوائي:
- مضادات الذهان (مثل ريسبيريدون، أولانزابين) للسيطرة على الأعراض الحادة.
- أدوية مضادة للقلق عند الحاجة.
- العلاج النفسي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة المريض على فهم ما حدث ومنع تكراره.
- العلاج الأسري لدعم العائلة وتثقيفها.
- العلاج الداعم:
- توفير بيئة هادئة وآمنة خلال فترة النوبة.
- الراحة الجسدية والنوم الكافي.
- المراقبة النفسية:
- متابعة الحالة بعد الشفاء للتأكد من عدم تطورها إلى اضطرابات مزمنة.
- العلاج في المستشفى:
- في الحالات الشديدة أو عند وجود خطر على النفس أو الآخرين.
طرق الوقاية من الذهان الوجيز
رغم أن الذهان قد يحدث فجأة، إلا أن الوقاية منه تبدأ من إدارة التوتر النفسي بطرق صحية، والبحث عن المساعدة في مواجهة الصدمات الحياتية، وعدم تجاهل الإنهاك الجسدي أو العاطفي.
من المهم كذلك الحصول على دعم نفسي مبكر بعد الأحداث المؤلمة، وتجنب العزلة، وممارسة أنماط حياة صحية تشمل النوم المنتظم، وتناول الغذاء المتوازن، والابتعاد عن الكحول أو المخدرات.
إذا كان هناك تاريخ عائلي للاضطرابات الذهانية، فإن المراقبة النفسية والتدخل المبكر يُعدان خط الدفاع الأول لمنع تطور الحالة.
ختامًا…
✔️ إذا لاحظت على نفسك أو على من تحب أعراضًا مفاجئة من الهلوسة، الارتباك، أو السلوك الغريب الذي لم يكن موجودًا من قبل، فقد تكون هذه علامات الذهان. لا تتردد في طلب المساعدة — التدخل المبكر يُساهم في الشفاء التام والعودة إلى نمط الحياة الطبيعي.
منصة نفسي فيرتول تمنحك فرصة التواصل مع دكتور نفسي متخصص في الاضطرابات الذهانية، أونلاين، بكل خصوصية وسرية، دون الحاجة لمغادرة منزلك.